من منّا لم يسمع عبارة ما من
أمّه وقد أزعجته أو حيّرته أو كانت ساخرة إلى حدّ ما؟
لا أحد يستطيع أن ينكر أنَّ هدف الأم الأساسي في الحياة هو «حماية» أبنائها
في هذا العالم «القاسي» وتربيتهم ليكونوا «الأفضل» والأكثر نجاحاً في
حياتهم.
إلا أنَّ للأم عبارات توجّهها إلى أبنائها، سواء كانوا من الذكور أم
الإناث، خلال تربيتها لهم.
ولكن معظم الأبناء، وبشكل طبيعي، كونهم ينتمون إلى جيل مختلف، يسيئون فهم
هذه العبارات؛ الأمر الذي يدفعهم إلى الشعور بالغضب أو الانزعاج أحياناً من
هذه العبارات.
فما هو المعنى الحقيقي لهذه العبارات، بحيث يستطيع الأبناء فهم أمهم أكثر
وتعزيز عملية التواصل الإيجابي معها؟..
على الرغم من أنَّ الأم يمكن
أن تفهم ما يودّ ابنها قوله من مجرد النظر في عينيه، إلا أنَّ الابن، وفي
أغلب الأحيان، لا يستطيع فهم المعنى الحقيقي الذي تريد الأم إيصاله.
ولا تعتبر عملية سوء التفاهم من الأمور البسيطة بين الأبناء والآباء.
ويقول الخبراء إنَّ التواصل الإيجابي والمثمر هو أساس العلاقة الجيدة بين
الأهل وأبنائهم؛ إذ من خلال الوضوح في عملية التواصل نكون قادرين على فهم
الآخر بشكل أفضل، وبالتالي نستطيع الوصول إلى نتائج إيجابية.
ولذلك قام الخبراء بتحديد العبارات التي تعتمدها الأم في تربية أبنائها،
والذي تعنيه فعلاً من خلالها.
العبارة الأولى
«من أين اشتريت هذا
القميص؟»
في حال سمعت والدتك
تقول لك هذه العبارة وتسألك مستغربة من أين اشتريت هذا القميص، فإنَّ قميصك
هذا على الأغلب لم يعجبها.
وعندما تقول هذه العبارة فإنها على الأغلب تودّ أن تقول: «هذا القميص ليس
جميلاً على الإطلاق وأتمنى أن ترتدي قميصاً آخر»؛ إذ لا ترغب الأم في أن
تبدو كالأستاذ أو المراقب في حياتك، فهي لا تودّ أبداً أن تفقد العلاقة
الإيجابية بينكما.
ولذلك، ووفقاً لما تقوله الدكتورة ديبورا تانين، فإنَّ الأم تحاول أن تليّن
الجانب السلبي في الموضوع، وذلك من خلال الاعتماد على العبارة غير
المباشرة أو الغامضة. وبالتالي فإنَّ الأم، وعلى الرغم من أنها لم تعجب
أبداً بنوع الملابس التي اخترتها، إلا أنها «لا تأمرك» بشكل مباشر بتغيير
هذه الملابس.
بل إنَّ والدتك في هذه الحالة تحاول، وبشكل غير مباشر، إخبارك بسوء اختيارك
من وجهة نظرها لهذه الملابس.
هذا وإنَّ الأم، وبشكل طبيعي، تنظر إلى ابنها على أنه صورة لها أمام
الآخرين. ولذلك فإنها تودّ أن تراك دائماً في أفضل صورة ومظهر.
وفي حال سمعت هذه العبارة من والدتك في المرة القادمة، حاول أن تخبرها بأنك
مقدر نصيحتها ورأيها.
وإن لم تكن ترغب في تغيير القميص، وطالما أنك ملتزم بالخطوط العريضة التي
يفرضها المجتمع، أخبرها باحترام بأنك تودّ التعبير عن أسلوبك الشخصي.
العبارة
الثانية
«لا شيء مهماً، لا أودّ أن
أشغل بالك»
لا يوجد أيّ أحد منا لا
يودّ أن يهتم به الأشخاص الذين يحبهم.
والأم، وبشكل طبيعي، تودّ أن يهتم بها أولادها وعائلتها بشكل عام، إلا أنها
لا يمكن أن تطلب ذلك أبداً؛ إذ إنَّ الأم، ومنذ إنشائها عائلتها ومنذ لحظة
زواجها، قد اعتادت على أن تكون هي من يهتمّ بالآخرين ويتابع أمورهم وتعتني
بهم.
ولذلك فإنَّ عملية «تبادل الأدوار» قد لا تكون مسألة بسيطة بالنسبة لها.
إلا أنَّ الأم، وبعد أن يكبر أبناؤها، تكون فعلاً بحاجة لمن يهتم بها.
وفي كثير من الأحيان يمكن ألا يفهم الابن هذه العبارة، وقد يعتقد بأنها لا
تودّ أن تتحدّث له عما يشغل بالها أو أنها «تخلق» المسافات بينهما.
ولكي تقوي العلاقة مع والدتك، في حال سمعت منها هذه العبارة، حاول أن تؤكد
لها بالكلام والأفعال أنك شخص بالغ تقدر على أن تعتمد عليه الآن، وحاول فهم
«تلميحاتها» إلى أنها بحاجة إليك.
العبارة الثالثة
«هل تعلم أنَّ ابن الخالة
سميرة حصل على منحة دراسية في الجامعة لتفوّقه الدراسي؟»
في كثير من الأحيان عندما يسمع
أحد الأبناء هذه العبارة من والدته حول تفوّق ابن الجيران أو ابن أحد
الأقارب، فإنه على الأغلب لن يكون مسروراً أبداً لاهتمام والدته بالأمر؛ إذ
تبدو هذه العبارة بالنسبة للابن كأنَّ والدته ممتنة وسعيدة بإنجازات هذا
الشخص أكثر من شعوره بأنها من خلال العبارة تودّه أن يكون أفضل منه.
وأحياناً قد يشعر الابن في هذه الحالة لو كان بإمكانه أن يصرخ ويقول «لا
يهمني أبداً إن كان ابن فلان أفضل مني أنا من وجهة نظرك».
إلا أنَّ الأم، من خلال هذه العبارة، لا تودّ أن تخبر ابنها أبداً بأنها
ممتنة لما فعله ابن أحد الأقارب أو الجيران، ولكنها عند إخبار ابنها بإنجاز
هذا الشخص فإنها تودّ أن يُثار لهذه الإنجازات، وبالتالي يسعى هو الآخر
لأن يحقق إنجازاً بارزاً ومهماً.
وفي حال سمعت هذه العبارة من والدتك، فمن الضروري أن تخبرها عن إنجازاتك
المميزة في العمل؛ فهي لن تعرف ما الذي يدور معك في العمل ما لم تخبرها.
العبارة الرابعة
«صديقك هذا شخص مرح ولكن ألا
ترين أنه لا يودّ الاستقرار؟»
من خلال هذه العبارة فإنَّ
الأم تحاول أن تخبر ابنتها بأنها يمكن أن تستمتع بوجود صديقها إلا أنها لن
تسمح لهذه العلاقة أن تتعدّى فكرة الصداقة العادية أو الزمالة فهو لن يصلح
زوجاً.
ويمكن أن توجّه الأم هذه العبارة أيضاً إلى ابنها في حال لم تعجبها الفتاة
التي اختارها.
وعلى الرغم من أنَّ الابن أو الابنة هما شخصان بالغان تماماً كالأم، إلا
أنَّ الأم في هذه الحالة لن تتحدّث مع أبنائها وكأنهم أصدقاء وتخبرهم بشكل
مباشر «تخلص أو تخلصي من هذا الصديق»، بل إنَّ الأم تبقى من جيل مختلف عن
جيل أبنائها، كما أنها تخشى عليهم وتفضّل أن يكونوا أفضل منها في الحياة.
وبالتالي فإنها لا تخبر ابنها أو ابنتها، وبشكل مباشر، بأنها لا تودّ أن
يتزوّج من هذا الشخص.
وفي الوقت نفسه تخشى الأم أن يعتقد ابنها أو ابنتها أن هذا الصديق يستحقّ
فعلاً الزواج.
وفي هذه الحالة يجب أن تتعرف إلى وجهة نظر والدتك في صديقتك أو صديقك، وما
هي النقاط التي تراها سلبية في هذا الشخص.
وإن لم تكن تودّ أخذ خطوة الارتباط، فمن الضروري أن تطمئن والدتك إلى أنَّ
الأمر مجرد صداقة أو زمالة عمل عادية تماماً.
الجمعة يناير 06, 2012 7:49 pm
